
كتب جورج كولينز في كتابه ” كسر الدائرة “
ماذا تفعل عندما تخرج الأمور عن سيطرتك؟
من الصعب في بعض الأحيان معرفة الوقت الذي تكون فيه ذاتك الإدمانية هي التي تملك زمام السيطرة عليك. وفي الحقيقة ربما تقود سيارتك علي الطريق، وتشعر بأن كل شئ علي ما يرام ، ثم إذا بك تقع في قبضة الإدمان المحكمة. وسوف تساعدك هذه القصة على التعرف علي الوقت الذي تكون فيه متجهاً إلي طريق الوقوع في قبضة الإدمان ، وتزودك بالأدوات اللازمة؛ لكي تتبع منفذ الخروج المقبل.
الفتاة الشقراء التي تقود سيارة بم إم دبليو
منذ عدة سنوات مضت، قبل أن أتخلص من القبضة الخائفة للإدمان الجنسي، كنت أتجه بسيارتي شمالاً عبر الطريق السريع كاليفورنيا ١٠١ ، إلي مدينة ساليناس التي تقع جنوب سان فرانسيسكو. وكنت أميل حينها، كما هي الحال الآن، إلي أن أقود سيارة فارهة ، وأسير بسرعة كبيرة تتجاوز السرعة المسموح بها، ولم يكن لدي في هذا الوقت كشف جهاز الرادار ، لكنني كنت أضع خطة نموذجية تتمثل في تعقب أحد سائقي الشاحنات ممن يسيرون بسرعة رهيبة متجاوزين السرعة المسموح بها، فإذا كان هناك ضابط دورية يختبئ في الأمام، فإنه سوف يفرض غرامة علي سائق هذه الشاحنة أولا، ولكن في هذا اليوم بالتحديد لم تكن هناك أية شاحنات ثم رأيت هذه الفتاة الشقراء في سيارتها البي إم دبليو.
في ذلك الوقت كنت أقضي فترة طويلة من يومي أستحضر خيالات ، وأنسج سيناريوهات للعلاقات المحرمة التي أريد أن أدخل فيها. وعندما رأيت شعرها الأشقر الجميل، بدأ خيالي الجامح يحيك قصصا بأقصى سرعة وطاقة لديه. وكانت تلك الشقراء تقود بسرعة ١١٢ كيلو متراً في الساعة في منطقة كانت السرعة المحددة فيها هي ٨٨ كيلو متراً في الساعة؛ ففكرت في قرارة نفسي قائلاً: “سوف أتعقبها ، فإذا ما كان هناك رادار للسرعات المخالفة ، فإنه سيرصد سيارتها، وسأستمر أنا في طريقي دون أية مشكلة” .
بدأت التركيز علي هذا الشعر الأشقر الطويل، وعلي هذه السيارة الرائعة، لم أرفع نظري من فوقهما. يا للروعة! وكانت تقود سيارة بم إم دبليو حمراء لامعة، علي أحدث طراز، ولابد من أنها جميلة وثرية. في هذه اللحظة كانت خيالاتي الجنسية القهرية تسير بسرعة ١١٢ كيلومتراً في الساعة. يا للروعة! إنه يوم سعدي، عليَّ أن أقود السيارة بسرعة كبيرة عبر الوادي، وأحقق أخيراً حلمي الذي حلمت به طويلا بالتعرف بامرأة جميلة تقود سيارة فارهة. وكانت تتسارع في عقلي الأفكار، ويقول لي: “يا للروعة، من الجيد أن أرافق امرأة مثل هذه إنها قد لا تكون جميلة فقط، بل هي أشبه بعارضات الأزياء في جمالها”.
استمررنا في التسابق بالسيارات عبر طريق ١٠١ ، وكان صوت إدماني الجنسي يتردد في عقلي لا يكاد يتوقف: “إنني أتساءل ما إذا كانت تنظر عبر المرآة الخلفية، وتفكر فيَّ، إنها لا تشعر بالإثارة الكبيرة جراء تلك القيادة السريعة، وإنها تود أن توقف سيارتها وتتعرف بذلك الرجل الذي يتتبعها”.
كان هناك مشروع عمل كنت محتاجاً إلي التفكير فيه، لكنني لم أكن أريد أن أفكر فيه، حتي إنني أطفأت راديو السيارة، حتي أتمكن من التركيز علي خيالاتي بخصوص تلك المرأة الشقراء التي تقود سيارة بم إم دبليو. كان مكيف الهواء يعمل بكل طاقته، لكنني كنت أتصبب عرقا ، وظللت أتعقب سيارتها عن كثب، حيث كنت غارقاً في خيالي الذي يريد مرافقة تلك المرأة علي الفور ، وكنت أعتقد أنها قد توقف سيارتها وتنزل منها لتتحدث معي.
هل تعرف متي تخرج عن السيطرة؟
سوف أنهي هذ القصة خلال دقيقة، إنني أريدك أن تسأل نفسك الآن: كم عدد المرات التي بسط فيها عالمك الخيالي سيطرته عي واقع حياتك؟ كم تقضي من الوقت في أثناء نومك في التفكير في تلك الرغبات الجنسية، وما المصادر التي تلجأ إليها لإشباع هذه الرغبات؟ وإذا لم تكن تعرف الإجابة، فتوقف مدة عشر ثوان، وتأمل ذلك الوقت الذي تضيعه في أثناء يومك في السعي وراء تحقيق التصور الخيالي الخاص بك، الذي يشبه تلك القصة التي أطلقت عليها اسم “الفتاة الشقراء في سيارة بي إم دبليو” وعندما كنت أقود سيارتي في الطريق ١٠١ أتعقب تلك الفتاة الشقراء، كانت تلك الخيالات تزداد وتقوى.
أثارتني تلك الخيالات كثيراً ، حتي إنني شعرت برغمة عارمة في أن أشعر بالنشوة حتي لو كان ذك في أثناء قيادتي السيارة ، وبصرف النظر عن تلك السيارات التي تسير إلي جانبي، ودون النظر إلي أي اعتبارات، وعن أنني سأعرض نفسي والآخرين لخطر شديد. ربما تكون لديك قصتك الخاصة التي تشبه هذه القصة. لقد سمعت قصصاً أخطر من تلك القصة كثيراً. إننا ــ نحن مدمني الجنس ــ نفعل أشياء مجنونة.
في النهاية بدأت إشارة الدوران في سيارتها تصدر وميضاً، وكانت حتي هذه اللحظة غارقاً في خيالاتي مع تلك المرأة الشقراء، حتي إنني فقدت تركيزي، ولم أعد أعرف المكان الذي أوجد فيه بالتحديد علي طريق ١٠١ ،حتي إنني فسرت الضوء المنبعث من إشارة الفانوس الخلفي من سيارتها باعتبارها إشارة موجهة إليَّ. ثم بعد ذلك بدأت أشاهدها وهي تبطئ من حركة سيارتها ؛ لكي تنعطف بسيارتها وتتجه إلي طريق آخر ، وكانت المفاجأة أنني أدركت أنها لم تكن تنظر إلي المرآة الخلفية، وأدركت أنها لم تكن تنظر إليَّ كذلك، ناهيك عن تخيلي أنها كانت تشير إليَّ لتتبعها. كنت لا أزال حتي هذه اللحظة غارقاً في تخيلاتي، حتي إنني فكرت قائلا: “من الأفضل أن أسير إلي جانبها، حتي تتمكن من رؤيتي، ومن ثم يمكن أن تشير إليَّ”. قبل أن تبدأ الانعطاف بسيارتها، زدت من سرعتي، وسرت إلي جوارها، ثم نظرت عن يميني وأنا أتوقع أن أري في النهاية وجه تلك المرأة التي أثارتني، الآن وبعد ساعة من الخيالات الطويلة، لكن كل ما رأيته هو رجل قبيح في مناصف العمر ذو بشرة دهنية بها ندبات من آثار حب الشباب، ومن قبيل المصادفة البحتة كان له شعر طويل أشقر.
سلوكك جرس إنذار
انتبه! كان لرؤية ذلك الرجل ذو الشعر الأشقر وهو يقود سيارته الـ بي إم دبليو وقع شديد عليَّ يشبه قيام بطل العالم في الوزن الثقيل بلكمي لكمة شديدة أسفل صدري، وشعرت بدوار شديد ورغبة في التقيؤ.
كان هذا الحدث بمنزلة جرس إنذار مدوٍّ بالنسبة إليَّ. إنني لم أقض ساعة كاملة في هذه الخيالات المجنونة، بل إنني عرضت حياتي وحياة الآخرين للخطر ؛ لأدرك أنني أتعقب رجلاً قبيحاً فقط. وكأنني قد أفقت من غفلتي لأدرك حقيقة أنني أهدرت قسطا كبيراً من حياتي في التمني والتساؤل والتخيل.
ماذا عنك؟
هل أهدرت الكثير من وقتك، ومن الممكن أن تكون قد عرضت حياتك للخطر؟ ربما تكون قد ضبطتك زوجتك، أو الشرطة، أو طفل من أطفالك، أو ربما تصاب بأحد الأمراض الجنسية المعدية، أو تصاب بمرض الإيدز.
فكر مرة أخري في عدد الساعات التي تقضيها خلال يومك في التفكير في الجنس، وفي طرق الحصول عليه. ربما يكون ذلك من خلال قضاء وقتك في مشاهدة المواد الإباحية علي الكمبيوتر ، ولم يكن عليك إضاعة وقتك في مثل هذا الأمر ؛ فقد كان بإمكانك أن تقضيه في الذهاب إلي أحد المتاجر، أو إلي أحد النوادي الصحية.
وربما تكون قد قضيت وقتك في التفكير في المواد الإباحية. أوفي مرافقة السيدات سيئة السمعة، أوفي أمور أخرى. وعندما حسبت ما استهلكته أنا عند تصرفي وفق سلوكياتي القهرية الجنسية. رأيت أنني أشبه بمن خسر مليون دولار نتيجة تركيزي علي تلك الخيالات علي غرار قصة “الفتاة الشقراء في سيارة الـ بي إم دبليو”، التي كانت بعيدة عن الواقع تماما.
إنك لم تقتن هذا الكتاب لأن علاقتك الزوجية الحميمة تسير بشكل طبيعي وسوي. بل ربما تكون قد اقتنيته لأنك قضيت الكثير من الوقت في استحضار خيالات.
اسأل نفسك الآن: ألم يحن الأوان لأن تستيقظ من سباتك وتتنبه إلي ما يحدث قبل أن تحدث لك “كارثة” كأن يتم القبض عليك، أو تتعرض للسرقة، أو تخسر أموالك، أو تتعرض للضرب علي يد أحد العاملين في تلك الأماكن سيئة السمعة، أو تفقد وظيفتك؟ لا تخدع نفسك، إنك لا تعرض نفسك فقط للخطر، ولكنك تعرض حياة الآخرين كذلك.
فعلي الرغم من أن خطيبتك أو زوجتك، أو أطفالك لا يعرفون تفاصيل خيالاتك أو تصرفاتك، فإن تأثير سلوكياتك ستطولهم جميعا، وعلي سبيل المثال لقد كنت غارقاً في سلوكياتي الجنسية القهرية، حتي إنني لم أتمكن من إعطاء زوجتي الأوليين الاهتمام الكافي، فعندما كنت أقيم علاقة حميمة مع زوجتي الأولي، أو الثانية، كنت أفكر في آخر امرأة سيئة السمعة كنت قد رأيتها في أحد النوادي. أو في مسؤلة الخزانة التي رأيتها في متجر المواد الغذائية. كنت أفكر في مثل هؤلاء علي الرغم من أنه لم تكن تجمعني بهن أية علاقة، بالضبط كما لم تكن هناك أية علاقة بيني وبين تلك الفتاة الشقراء التي كانت تقود سيارة بي إم دبليو.
إن تلك التخيلات التي كانت تجول بخاطري تعني أنني لم أكن على تواصل مع الأشخاص الحقيقيين الموجودين في حياتي. ولم يكلفني ذلك خسارة وقتي وعلاقاتي فقط ولكن خسارة الحميمة والحب كذلك. إن زيجتيَّ الأوليين لم تنتهيا لأنني كنت فقط مدمنا للجنس، بل انتهتا بالطلاق لأنني لم أكن أعطي العلاقة الاهتمام الكافي. وهذا هو ما كنت عليه عندما رحت أتعقب تلك الفتاة الشقراء التي تقود سيارة بم إم دبليو، فإنني لم أكن حاضراً بذهني، ولم أكن سوي رجل موجود بجسده في سيارته، بينما ذهنه غارق في عالم الخيالات الذي كان بعيداً كل البعد عن عالم الواقع.
إن هذا الفصل يدور حول تعليمك كيفية الإفاقة من غفلتك عندما يفقد ذلك المدمن الموجود في داخلك إحساسه بما حوله، وهو يتتبع تلك الشقراء في سيارتها. وفيما يلي لمحادثة أجريتها مع ذاتي المدمنة في أعقاب تلك الواقعة التي أشرت إليها دائما باسم “الفتاة الشقراء في سيارة بم إم دبليو”.
* جورج: لقد كان ذلك الشخص الموجود في داخل تلك السيارة رجلاً! رجلاً قبيحاً! = الذات المدمنة: إنني لا أريد أن أتحدث في هذا الأمر، فقد كان من الممكن أن تكون فتاة شقراء، وربما كانت تريد أن تقيم علاقة معك.
* جورج: هل تمزح؟ هذا جنون! لابد من أن تتوقف عن ذلك. لابد من أن تحول طاقتك السلبية هذه إلي سلوك وتفكير رشيدين وإيجابيين.
=الذات المدمنة: ولكن الحال دائما هكذا. أنت في حاجة إليَّ.
* جورج: لِم أحتاج إليك؟ إنك تتصرف كالطفل؛ طفل كثير الطلبات ومفتقر إلي الاهتمام. لقد علقت في مثل هذا السلوك، أي النظر إلي النساء من منظور جنسي وكأنه، أداة لإشباع رغباتك. إنني رجل الآن. وهذا سلوك أخرق، خاصة منذ أصبحت أن تقوم به طوال الوقت. وانتهي بي الأمر إلي إشباع رغباتي في أثناء تلك المشاهدة للمواد الإباحية.
= الذات المدمنة: ما السيئ في هذا الأمر؟ إننا لا نؤذي أي شخص.
* جورج: أتقول ما السيئ في هذا الأمر؟ إنني وحيد. إنني أخاف من الشعور بالحميمية مع زوجتي. إنني أريد أن تكون العلاقة بيننا قائمة علي الحب المتداول. نعم، إن مجرد التفكير في هذا أمر مخيف، لكنني أستحق ذلك. إنني كنت ومازلت أستحق الشعور بالحميمية الحقيقية، وكذلك أنت. والطريق الوحيد للوصول إليها هو الخروج من عالم الخيال، والغوص في عالم الواقع الذي ينتظرك.
السلام عليكم بدايتآ
مهما شكرتك لن اوفيك حقك