
نحن بحاجة للحديث عن الإباحية رغم أن هذا يصيبني ببعض الاشمئزاز، ولو قرأت والدتي هذا الكلام لقالت: مهلاً!! أغلق هذه الصفحة، واقرأ للصحفية (بيل مووني) بدلاً من هذا …، أعلم أنك تحب مقالاتها. يجب علىّ القول في البداية: إنه ليست لدي مشكلة مع الإباحية بحد ذاتها رغم أن كثيرا من الناس سيعارضونني، لكنه من الطبيعي أن يتعرض لها البالغون في بعض الأوقات.
لكننا في أمسِّ الحاجة للحديث بجدية عن تأثيرات الإباحية على أطفالنا؛ لأنه رغم ما ورد في هذا المقال فلا يتطرق هذا لحجم المشكلة الحقيقية التي نواجهها.
تشير دراسة حديثة إلى أنه 90% من الأطفال من سن الحادية عشرة إلى السادسة عشرة قد شاهدوا مشاهد من الإباحية المتطرفة. وللأمانة أعتقد أن الـ10% المتبقين ممن أجريت عليهم الدراسة كاذبين.
إنه ليس من السهل على الأطفال أن يتجنبوا الإباحية في هذه الأيام، ولسبب غير مفهوم نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه المخاطر تماماً كسمكةٍ تسبح في بحرٍ مليء بالملح، فأطفالنا ينشئون في بحر مُشَبَّع بالإباحية (الإنترنت). ليس السؤال أن نقول: هل ستؤثر الإباحية على أطفالنا؟ ولكن السؤال هو: كيف ستؤثر عليهم؟
كأول ولاية أمريكية صنفت الإباحية من مخاطر الصحة العامة ولاية (يوتا)، ورغم أنها لم تمنع المواد الإباحية بالكامل إلا إنها أعلنت عن الإباحية كملوث للخلفية الجنسية لدى البالغين ومن هم دون سن البلوغ. سخر كثير من الليبراليين هذه الخطوة، وأيضا سخروا من حديث الكنيسة عن هذا الأمر؛ محتجين بأنه لا يوجد دليل علمي قوي على أضرار ومخاطر الإباحية على أرض الواقع، وللأسف فهذا صحيح بعض الشيء، فمن المشاكل التي يواجهها الباحثون في أضرار الإباحية أن الإباحية واسعة الانتشار بشكل مبالغ فيه؛ وبالتالي من الصعب جدا وجود مجموعات لم تشاهد الإباحية لإجراء الدراسات عليهم ومقارنتهم بمن يشاهدونها. لاحقاً بعد عدة سنوات بدأ فريق علمي من جامعة (مونترال) دراسةً عن تاُثيرات الإباحية على الدماغ، واحتاجوا لإجراء الدراسة مجموعةً من الأشخاص في العشرينات من عمرهم ممن لم يشاهدوا الإباحية أبداً في حياتهم. وبشكل مأساوي ألغيت الدراسة؛ لأنهم لم يجدوا شخصاً واحداً!!
هذا لا ينطبق على كبار السن -والذين أنتمي أنا إليهم- فليست لديهم أي فكرة عن الإباحية في شكلها الحديث، وما تتضمنه من تطرفات، وكل ما يعرفونه عن الإباحية هو شريط فيديو مسرب أو مجلة تُتَصَفَّحْ في الخفاء! هذا بالطبع مختلف عن الإباحية المعاصرة، وللأسف لا أستطيع توضيح هذا الفرق؛ لذلك أعتقد بجدية أنه يجب إجبار الآباء على مشاهدة عينات من الإباحية التي تعرض لأبنائهم، سامحوني، ولكن هذا ربما يكون مهماً لمعرفة ما يشاهده أبناؤهم.
قلت هذا في خطبة سابقة لي، إنه يجب على الآباء معاينة مدى التطرف في الإباحية التي تعرض لأبنائهم عن طريق مشاهدة 15 دقيقة منها، لكن عجّت القاعة بالضحك الصاخب. بعدها بأيام استقبلت العديد من الرسائل الإلكترونية من أمهاتٍ صُدمن بالكامل مما شاهدن، هذا طبعا رد فعل طبيعي، فهؤلاء الأمهات رأين مدى بشاعة ما يعرض لأبنائهن، وللأسف يعتقد هؤلاء الأبناء بأن ما يعرض لهم هو الطبيعي، وما يجب أن يكونوا عليه. أنت لا تحتاج لبحث علمي لترى آثار الإباحية على الأطفال، فلي صديق يعمل كطبيب للصحة الجنسية، يخبرني عن مدى كثرة الأطفال الذين بدأوا بالاهتمام بشعر عانتهم وتشذيبه، وهذا بلا شك أحد آثار الإباحية، حيث أصبحت حلاقة العانة موضة عصرية! لكن ما صدمني حقا هو ما قالته لي مصففة شعر للسيدات: بأن العديد من البنات الصغار يطلبن منها حلاقة شعر عانتهن بطرق معينة. هذا بالطبع نتيجة لما رأوه في أفلام الإباحية.
في الواقع إن الإباحية تشوه الرؤية السليمة لدى الطفل عن كيف يكون السلوك الجنسي الطبيعي، فقد يدرك البالغون هذا الفرق، لكن من المؤكد أن الأطفال لا يفعلون. فالعنف والإهانة التي تتلقاها ممثلات الإباحية في الأفلام يراها الأطفال على أنها الطبيعة والمعتاد؛ حتى إننا نسمع كل أسبوع عن وقائع الاغتصاب، ما الذي يجعل من هذا أمرا طبيعيا إن لم تكن الإباحية؟! رجاء لا تقلد ليبراليين (يوتا) فهم مخطئون بالكامل.
مراجعة: محمد حسونة