
من المقرَّر أن يكون الاكتئاب السبب الرئيسي للإعاقة بحلول عام 2030. تقول الأبحاث التي تم تمويلها من المعهد القومي للصحة: أنه بالنسبة للمراهقين، فإن الاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي مرتبط بالاكتئاب.
إن هذا أمر يستحق الاهتمام.
البحث الذي تم نشره في جريدة الاكتئاب والقلق، كان أول دراسة تمثيلية على الصعيد الوطني والتي تبحث في العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب. أجريت هذه الدراسة على ما يُقارب 2000 شاب صغير، تتراوح أعمارهم بين 19 – 32 سنة.
كل مشارك منهم أخذ أداة تقييم الاكتئاب وقام بالإجابة على استبيانات حول استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وقد شملت المواقع ال 11 الأكثر استخداما في ذلك الوقت: فيسبوك، إنستجرام، تويتر، سناب شات، يوتيوب، جوجل بلس، ريديت، تمبلر، بنتريست، لينكد إن وفاين.
كانت النتيجة أنه: كلَّما زاد استهلاك الشباب للسوشيال ميديا كلَّما زادت احتمالية أن يصاب بالاكتئاب.
كان هذا حقيقيا حتى بعد التحكم بالعوامل الأخرى التي قد تؤدي إلى الاكتئاب مثل: السن، الجنس، الأًصل العرقي، الحالة العاطفية، الوضع المعيشي، الدخل الشهري ومستوى التعليم.
طبقًا لما يراه المؤلف الرئيس للدراسة بريان أ. بريماك: ” بما أن شبكات التواصل الاجتماعي صارت من ضمن المكوّنات الأساسية للتواصل البشري، فإنه من المهم إدراك التوازن الذي يجب تحقيقه في تشجيع الاستخدام الإيجابي المحتمل، أثناء إعادة التوجيه من الاستخدام الإشكالي.”
بطريقة أخري، لا بُدَّ من أن هناك طرقًا إيجابية لاستخدام السوشيال ميديا، ولكن من المهم معرفة الطرق السلبية وتقليلها.
في المتوسط، استخدم المشاركون وسائل التواصل لمدة 61 دقيقة في اليوم، وقاموا بزيارة حساباتهم على هذه المواقع 30 مرة في الأسبوع. أكثر من 25% من المشاركين تم تصنيفهم على أنهم لديهم مؤشر “عالٍ” للاكتئاب.
من المثير للاهتمام، أن كمية الوقت التي يتم قضاؤها على السوشيال ميديا كانت أقل أهمية من عدد مرات الاستخدام. على سبيل المثال، هؤلاء الذين كانوا يتصفَّحون هذه المواقع بشكل متكرّر كانوا أكثر ب 2.7 مرة قابلية لتظهر عليهم علامات الاكتئاب.
النتيجة: إذا كنت تتصفَّح فيسبوك وإنستجرام بشكل متكرر فأنت معرض أكثر لأن تُصاب بالاكتئاب مما إذا كنت تتصفحه مرة واحدة أو مرتين في اليوم.
المؤلفة الرئيسة للدراسة (لوي يي لين) كانت متقبّلة لحقيقة أنَّه: بما أن هذه الدراسة مجرد مقطع عرضي، فهي لا يمكن أن تفصل السبب والتأثير. بمعنى آخر: يمكن أن يتحول الأشخاص الذين هم مكتئبون بالأساس إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليملؤوا فراغهم.
كما أشارت أيضا إلى أن تعريض الشخص نفسه وانفتاحه على السوشيال ميديا ربما يؤدي إلى الاكتئاب أيضا، والذي قد يؤدي بالتبعية أيضا لاستخدام أكثر للسوشيال ميديا. على سبيل المثال، إذا كنت تشعر أصلا بالحزن أو بالخجل لأنَّك غير مرتبط وتقوم بتصفّح الفيسبوك فقط لكي ترى شخصين سعيدين تمّت خطوبتهم، فهذا قد يزيد الاكتئاب لديك، والذي قد يجعلك تفحص السوشيال ميديا أكثر بدلا من الخروج ومحاولة الاختلاط بالناس لتكون اجتماعيًّا ( لأن الشخص المكتئب يتساءل في عقله: ” وما الهدف من ذلك؟”).
المعالجون غير مندهشين من هذه النتائج، باعتبار أن استخدام السوشيال ميديا يأتي مع مجموعة من الخصائص الخطرة عاطفيا، متضمنة الصفة الأخطر: المقارنة.
وكما يشار دائما، فإن مشكلة استخدام السوشيال ميديا لمقارنة نفسك بالآخرين هو أنك تقارن واقعك بالجزء الذي يسلط الآخرون الضوء عليه من حياتهم فقط. فمن النادر أن ترى شخصًا ينشر منشورًا حول تقييم أدائهم السيء أو الحديث السلبي الذي خاضوه في سيارتهم.
الفرصة الأكبر أن ترى البوستات حول الكوكتيل الرائع الذي أخذه شخص ما في عطلة نهاية الأسبوع، أو صورة لهم وهم يتسلّقون جبال ماتشو بيتشو، أو الأحتفال الرائع بعيد الميلاد الذي قام به أحد الأزواج للآخر. من الصعب أن تحتفظ في عقلك باللحظات السلبية التي حدثت لهؤلاء الناس في حياتهم حينما يكون كل ما تراه هو تلك الصور المبهرة والإيجابية.
وحسب تعبير السيدة لين: “التعرض للحظات الأكثر مثالية من حياة الأصدقاء على السوشيال ميديا يؤدي إلى الشعور بالحسد والاعتقاد المشوه بأن الآخرين يعيشون حياة أكثر سعادة ونجاحا.”
جزء من السبب وراء هذه الدراسة كان المساهمة في تدخلات الصحة العامة حول وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المنصّات بدأت بالفعل في أخذ بعض الخطوات. حينما تبحث على موقع تمبلر عن كلمات مثل: “الاكتئاب” أو “الانتحار”، يتم توجيهك إلى رسالة تسألك: “هل كل شئ بخير؟” ثم يعطيك رابطًا لمساعدتك. تختبر فيسبوك أيضا ميزة تسمح للأصدقاء بتنبية المنصة بشكل سري حول الأشخاص الذين يهتمون بهم، حتى يتم توجيه الموارد لهم.
” أملنا أن البحث المتواصل سيساهم في تحسين هذه الجهود للوصول بشكل أفضل للمحتاجين” دكتور بريماك.
في غضون ذلك، يمكن أن يكون كمكالمة تنبيه جنبا إلى جنب مع الاستنتاج الذي لا مفر منه الذي يشيرون إليه أنه: ” من المهم أن تراقب استخدامك على مواقع التواصل الاجتماعي، فصحتك العقلية تعتمد عليه.”
في النهاية “المقارنة هي فعل عنيف تجاه نفسك.” إيانلا فانزانت.
ترجمة: عبدالله ماهر
مراجعة: محمد حسونة