
عندما كنت في التاسعة من عمري، بدأت بتقليب كتالوجات الملابس؛ بحثًا عن ملابس النساءِ الداخلية، لم أدر ما سبب تكراري لفعل هذا الأمر، ربما بسبب سريته والإثارة التي حظيت بها، ما أتذكر فقط مداومتي على العودة إلى تقليب تلك الكتالوجات باستمرار، وشعوري بالضعف، وقلة الحيلة أمامها.
أما عندما بلغت سن الرابعة عشرة من عمري، بدأت باللجوء إلى الموسيقى الجنسية والجريئة؛ للتخلص من التوتر، انتابني شعور بالقوة عندما أحكمت سيطرتي على أمرٍ ما، وأبقيته سرًا، أن أملك شيئًا خاصًّا لن يسلبه أحدٌ مني أو يعلم بشأنه . وعندما بلغت سن السادسة عشرة، حصلت على أول هاتفٍ ذكي، هذا العامل المساعد على سرعة الوصول للإباحيات، وتدريجيا بدأت بالبحث عن الإباحية العنيفة، دومًا أسعى وراء الأشد عنفًا، تلك التي أرغب بها بشدة، لم أدرِ يومًا أن المرء قد يدمن أي شيء بخلاف المخدرات والكحوليات.
مع التقدم في العمر، حين بلغت التاسعة عشرة، كنت قد تزوجت للتوّ، لكنني لم أبح بسر إدماني للإباحيات إلى زوجي، كنت مرتعبة، وأدرك أنني أحبه، وأتمنى الانجذاب إليه، لكنني لم أستطع التخلص من عادة مشاهدة الأفلام الإباحية، بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف على زواجنا سمحت له بالاطلاع على سري أخيرًا، كاد زواجنا يتحطم وينهار، لذا توجب علينا السعي لإصلاح علاقتنا، ومن ثم تعلمنا كيف نحب ونثق ونسامح بعضنا البعض مجددًا.
المغزى من مشاركة قصتي هو توضيح أن النساء ربما يدمنون الإباحيات أيضًا، وأنها ليست مشكلةً مقتصرة على الرجال فقط،كنت متزوجة ولدي أطفال عندما وثقت في زوجي وأطلعته على عادة إدمان الإباحيات، وكان ذلك أصعب أمر أقدمت على فعله. شعرت كثيرًا بالوحدة والعزلة، شعرت وكأنني المرأة الوحيدة في هذا العالم التي أدمنت الإباحيات، لذا أوجه رسالةً إلى كل المحاربات”أنتِ لست وحدك، بإمكانك فعل ذلك، يمكنك النضال، يمكنك الانتصار على الإباحيات، يمكنك أن تكوني حرة ومتزنة وسوية، بإمكانك الوصول إلى هذه المرحلة.”
الإباحية مشكلة إنسانية ولا تقتصر على الرجال فقط:
ربما من أكثر الخرافات شيوعًا ورواجًا في مجتمعنا أن مشاهدة الإباحيات أمر طبيعي بالنسبةِ للرجالِ، بينما النساء لا يفعلن ذلك، النساءُ كائنات حية ذوات رغباتٍ جنسيةٍ، كما يحاربن الإباحيات أيضًا، والقصة السابقة واحدة من بين آلاف القصص التي وردتنا خلال هذا العام من نساء وفتيات شعرن بالعزلة والخجل وكراهية الذات؛ لأن حياتهن تضرّرت؛ بسبب الآثار السلبية للإباحيات.
جميع معتقدات المجتمع الراسخة عن هذه المشكلة خاطئة، ففي عام 2015 أثبتت إحدى الدراسات ما نعرفه حقًا، النساءُ عرضةُ لإدمان الإباحيات بسهولة تمامًا كالرجالِ، كما أظهرت كذلك أن ما يقربُ من 17% من النساء اللائي أجرين الدراسة يعتبرن أنفسهن مدمنات للإباحيات، ونصفهن من مستخدمي الإباحيات المتاحة على الإنترنت. وهناك المزيد من الدراسات المشابهة التي كانت الدراسة السابقة إحداهن، بما فيها إحدى الدراسات التي أثبتت أن نصف الفتيات اليافعات يجدن مشاهدة الإباحيات أمرًا مقبولًا، بينما أقر ثلثهن باستخدام الإباحيات. في النهاية، لن يبدو الأمر منطقيًا إن تجاهلنا رغبات النساء الجنسية وقابلية الإباحيات على إغوائهن.
واحدة من أهم سمات الإباحيات هي قدرتها الطبيعية على فتنة غرائزنا الجنسية الطبيعية التي نملكها جميعًا، لذا يخطئ الناس خطأ فادحًا حين ينكرون غرائز النساء الجنسية النشطة، بل ويعد أمرًا مفجعًا ومؤلمًا عندما لا تستطيع الفتيات الوصول لمن يساعدهن؛ بسبب وصمة العار التي ستلحق بهن، فالإباحيات لا تعد شيئًا خاصًا بالرجال فقط.
إننا هنا كي نزيح الستار عن هذه المشكلة، ونكسر الحواجز، ونحارب من أجل نشر الحب بين الجميع.
ترجمة: رقية ماهر العراقي
مراجعة: محمد حسونة