في العام المنصرم ، وفي أثناء ماراثون لتسجيل أطول فترة لعب على الإنترنت ، انهار اللاعب “براين فيجنولت : 35 عاما” بعد أن أتمّ 23 ساعة متواصلة من اللعب، وأخذ استراحة للتدخين ، ثم مات أمام المشاهدين – و بالمناسبة المقطع منتشر على اليوتيوب – . و بالمثل أيضاً ، مات اللاعب “تو تاي : 24 عاما” في مقهى للألعاب بعدما قضى 19 ساعة من اللعب المتواصل ، و قد أصابته نوبة تشنّج قبل موته ، و مقطع موته أيضاً منتشر على اليوتيوب . و في تايوان في مقهى للألعاب أيضاً ، بقي “هسيه : 23 عاما” ميّتاً لبضع ساعات قبل أن يتمَّ اكتشاف موته
لقد تنفّسَ كثيرٌ من الأطباء و المعالجين النفسيين حول العالم الصعداءَ بعد إدراج منظمة الصحة العالمية لإدمان اللعب الافتراضي (إدمان ألعاب الإلكترونية) تحت خانة الأمراض العقلية.
كتبت ستيلا مالي (كاتبة و طبيبة نفسية) تقول : “أخيراً ، أصبح الآن باستطاعتنا توصيف هذه المشكلة كما نراها نحن” – أي أنّها مرض إدمانيّ – .
بعد أن تمَّ تصنيف اضطراب اللعب الافتراضي كحالة عقلية مرضية ، كان حقّاً على المعالجين النفسيين أن يأخذوا الأمر بجدّية أكثر ، وأن يتوقّفوا عن الثرثرة وتحريك اللسان ببعض الكلمات العبثية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، عندما يؤتى بمراهقٍ سمينٍ شاحب الوجه إلى العيادةِ و أهله يجرّونه جرّاً ، وقد أصيب بهذا الاختلال السلوكي .
و أخيراً ، باستطاعتنا الآن تسمية الأمور بمسمّياتها الحقيقية ، و أن نخبر هذه الجثث الهامدة ذوات الأصابع الخارقة أنّهم عرضة لأن يصبحوا فريسةً لهذه المشكلة الخطيرة ، مشكلة اضطراب اللعب الافتراضي .
قد يعترض البعض و يقول: هذا هراء لا طائل تحته ، و هذا التصنيف الذي وضعته منظمة الصحّة العالمية يثير فزعاً وهمياً لا داعي له؛ بسبب سلوك طبيعي لا ضرر فيه.
في الحقيقة ، هذا التصنيف لا يستهدف الفئة التي تقضي ساعةً أو اثنتين في اللعب الافتراضي مع الأصحاب ، و إنما يتحدّث عن سلوك إدمانيّ خطير يدمّر حياة البشر .
عندما نرى المنغمس في هذا الواقع الافتراضي يرفض الخروج مع أصدقائه لمجرّد أنه استعاض عنهم بلاعبين وهميين، يعتبرهم أصدقاء حقيقيين أكثر من رفقائه القدامى ، فهذا يقودنا بلا شكٍّ للجزم بأن هذه علامة صادقة على أنّ هناك مشكلة حقيقية
المصاب بهذا الاضطراب يبقى مستيقظاً طوال الليل يحملق في الشاشة ، و قد يستيقظ قاطعاً نومه في منتصف الليل؛ ليعاود إكمال اللعب ، و قد يتخلّى عن أحبائه، ويتنكّر لمسؤولياته فداءً لهذا العالم الوهمي .
سينسى أن يأكل ، و سيُهمِل نظافته الشخصية ، وقد يحرم نفسه من قضاء حاجته ، وقد يصل به الأمر إلى أن يقضي حاجته في مكانه على أن لا يترك اللعب ويذهب للحمّام.
إنه إدمان جدي وحقيقي بالفعل
وسوف أعرض لحضراتكم هنا برنامجا عمليا قدمه شاب كندي كان مدمنا على ألعاب الفيديو واستطاع التعافي من إدمانها ثم قدم نموذجا عمليا لكيفية التوقف عن هذا السلوك الإدماني الضار وقد قمت بترجمة كتابه الذي قدم فيه تجربته في سلسلة المقالات التالية :
2-الخطوة الأولى: كيف تخترق الحاجز الذي يبقيك تحت سيطرة الألعاب؟