
تخيل أنه أثناء عودتك إلى أهلك بعد يوم طويل من العمل الشاق، تُفاجأ بلوحة إعلانات تعرض الإباحية على مرأى من الجميع. ستظن أنك تهلوس؟ كيف ستشعر إن كنت مع أحدهم في السيارة؟ ماذا ستحاول فعله حيال ذلك؟ هذا بالضبط ما حدث للمارة في المكسيك منذ يومين كما ورد في أحد الصحف المكسيكية. لقد تم اختراق إحدى لوح الإعلانات تلك وعُرض عليها عدة دقائق من الإباحية. قام بعضهم بتسجيل المشهد على هواتفهم الخلوية بينما همّ بعض رجال الإطفاء لإيقاف هذا العرض منعا للحوادث. وبشكل بطولي مات أحد رجال الإطفاء بعد اختلال توازنه وهو يحاول إطفاء هذه اللوحة. قالت شركة الإعلانات المالكة لتلك اللوحة أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها اختراق للوحات الإعلانات تلك، والمرة السابقة حدثت مساء البارحة لذلك لم يشاهد هذه المحتويات إلا القليل. لم يعلن أحد مسؤوليته عن هذا الاختراق، لكن مثل هذه المحتويات المقززة ما تعرض إلا بواسطة المخترقين الذين يرون أن مثل هذا العرض الذي قد يسبب ضرراً ما هو إلا ضرب من الفكاهة!
هذه ليست مجرد مزحة لا ضرر فيها.
مثل هذه المزحة المقرفة تصبح أكثر انتشاراً. ولسوء الحظ حدث نفس هذا الهراء في إندونيسيا والصين والبرازيل. من الواضح أن عرض مثل هذه المشاهد للمارة ما هو إلا أداة لهؤلاء المخترقين لفعل شيء ما، والذي لا يناسب عامة الناس على كل حال. لأول وهلة ربما لا يكون هناك أهمية كبرى لمثل هذا الاختراق الإباحي. لكن لا يمكن أيضا القول بأنه غير مضر لأنه قد يؤذي بعض الناس. وسواء كنت تعرف المغزى من الإباحية أو لا، فلابد من تذكر الأثر الناجم عن عرض هذه المواد على الأطفال، فعرض مثل هذه المشاهد على الأطفال في سن مبكرة يمكن ان يجعل هذا الأمر عادة او سلوكا لديهم، وهذا بدوره يمكنه التسبب في مشاكل في التواصل والعلاقات وما إلى ذلك. عندما يتعرض المجتمع لمثل هذه المزح (عرض الإباحية في لوحات الإعلانات) يصبح الامر اعتياديا بالتدريج، وشيء بسيط مثل هذا الاختراق للوحات الإعلانات يمكنه بدء سلسلة من التفاعلات والتي تؤدي بنا الي تقبل الامر في النهاية وهو (أن الإباحية ليست مضرة). قد يكون هذا ممتعا لبعض الناس الذين لم يتعلموا عن خطر الإباحية، لكن عرض الإباحية بشكل إجباري في الشوارع العامة هو شيء لا يجب السكوت عنه. فالإباحية منتشرة بشكل عام في مجتمعاتنا، لكن جعل مشاهدتها إلزامية بعرضها على شاشات ضخمة في الشوارع قد يكون له أضرار كبيرة.
ما أهمية هذا الامر؟
الامر ليس عرض للإباحية على الناس بغض النظر عن إرادتهم لها او لا، لكن هذا الامر يمثل تسويغ لنوع جديد من الدعاية (الإباحية) على نطاق كبير. الامر الجلي ان الإباحية جعلت من البشر مجرد سلع تستخدم بطريقة غير شرعية وعرض الإباحية في العامة هو خطوة جديدة لتعزيز الامر. فكر في هذا: ماذا يقال عن الإباحية عندما تستخدم كأداة مسببة للأذى والفساد؟ الإباحية تشتتنا عما نريد فعلاه حقا وتسبب إزعاجا كبيرا وتضعف من ترابط المجتمعات حتى لو كان عرضها لمدة لا تزيد عن 5 دقائق. انه لخطب خطير أن نرى الإباحية تعرض في الشوارع. لكن لماذا لا نهتم بنفس الامر على المستوي الشخصي. ألا تنطبق نفس الأسباب (التي تمنع عرضها في العامة) على الافراد. الامر الواضح بجلاء، أن ضرر الإباحية ليس أمرا شخصياً ذو بعد واحد فقط، فمن المهم ان ندافع عن العلاقات الحقيقية عندما تعرض محاكاة مزيفة لها (الإباحية) كمزحة مقززة وعرضها على كل الناس بما فيهم الأطفال، نحن لا نقبل بهذا. فالمشاكل واسعة المدى التي تسببها الإباحية لا تخفى على أحد، وكما رأينا فالإباحية (بالفعل) سلبت أحدهم عمره. نحن لا نريد العيش في عالم حيث تستخدم الإباحية في الدعاية ونتمنى أن يشاركنا الجميع للقضاء على هذا الخبث.
مراجعة: خالد جاويش
سلمت يمناك
الله يسلمك يا غالي :)