
لقد صعقنا و صدمنا في الأشهر الأخيرة من التقارير التي تحدثت عن الاعتداءات والمضايقات الجنسية التي تحدث في مجتمعنا. في حين أننا نعجب بشجاعة الضحايا الذين عرضوا قصصهم عن الاعتداء الذي لا يغتفر، نتذكر أيضاً إلي أي مدي يجب علينا كمجتمع أن نتبنى المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة وأن نخلص أنفسنا من أنماط الاعتداء الجنسي السائدة للغاية في ثقافتنا. وفي نفس الوقت الذي بدأنا فيه مناقشة عالمية أكثر صراحة عن الحقيقة القاسية للاعتداء الجنسي، رأينا أيضاً العناوين الرئيسية التي تشير إلي أن الإباحية قد تساعد حقا في تقليل الاعتداء الجنسي في مجتمعاتنا. هذه العناوين لافته للانتباه: “دليل يتصاعد : كثير من الإباحية، قليل من الاعتداء الجنسي”… من يزعم أن الإباحية تحرض علي الاغتصاب فهو مخطئ”. ” الأفراد قد لا يحبون الإباحية ولكن مجتمعنا يحبها ويستفيد منها “، هل يبدو هذا الكلام مألوف؟ حسناً المشكلة هي أن المقالات أسفل هذه العناوين تشير إلي عدد قليل من الدراسات من مختلف أنحاء العالم وجميعها يدعي أن معدلات العنف الجنسي تنخفض إذا أصبحت الإباحية أيسر منالا في مجتمعنا.
إذن، هل كل ذلك صحيح؟ هل حقا تستطيع الإباحية أن تقلل من الاعتداء الجنسي؟
تفيد هذه الحجة أن الدليل يشير إلي أن الإباحية في حقيقة الأمر تعد صمام الأمان للطاقة المعتدية. فالنظرية هي أنه بدلا من مهاجمة شخص ما بإمكان الأشخاص الذين قد يركبون جرائم جنسية التعبير عن رغبتهم العنيفة عن طريق الكميات غير المحدودة من الإباحية علي الإنترنت. ولكن ها هي الحقيقة : لا ينبغي اختصار المسائل العلمية المحيطة بالعنف الجنسي تجاه الأطفال والنساء والرجال الأبرياء إلى نتائج ساذجة تتجاهل التعقيدات الهائلة التي ينطوي عليها الأمر، بينما تقود الناس إلي نتائج أولية. وتفشل ببساطة بعض المناقشات العامة التي تدور حول الإباحية والعنف الجنسي في رؤية الصورة كاملة. وعلي وجه الخصوص، يفشل عادة هؤلاء الذين يستشهدون بهذا النوع من الدراسات التي تدعي أن “الإباحية تقلل نسب الاغتصاب” في ذكر مجموعة أخرى من القضايا ذات الأهمية الحاسمة بالنسبة لمحادثة مستنيرة تماما – هناك ثلاث نقاط يستغرقون وقتا لكي نلخصهم هنا :-
# النقطة الأولى: أظهرت العديد من الدراسات أن هناك علاقة بين الإباحية وزيادة العنف الجنسي
مؤخرا قام الدكتور جون فوبيرت، أستاذ جامعي موهوب بجامعة ولاية أوكلاهوما وخبير بارز بشؤون العنف الجنسي، بنشر مقال يوضح كيف ترتبط الإباحية بالعنف الجنسي، حيث قال : ” لقد درست لمدة ٢٥ عاما كيف نضع حدا للعنف الجنسي، ولم يكن قبل ١٠ سنوات عندما أدركت أن المكون السري في وصفة الاغتصاب لم يكن سرا على الإطلاق، رغم أنه نادراً ما تم التعرف عليه. وهذا المكون، المسؤول عن إعطاء الشباب قناعات أن لديهم الإذن الممنوح التي تجعل الاغتصاب مقبولاً والمسؤول عن إخبار الفتيات بأنه ينبغي عليهن حب الاغتصاب ، هو إباحية الإنترنت عالية السرعة اليوم. الإباحية نفسها وصفة للاغتصاب قد أعادت كتابة السيناريو الجنسي للسلوك الجنسي لجيل الألفية وتقوم في الوقت الحالي بإعادة تشكيل عقولهم لتتبعها. “
واستطرد الدكتور. فوبيرت قائلا أن المشكلة الكبيرة تكمن في أن الإباحية اليوم ليست مثل مجلة بلاي بوي الإباحية للأجيال السابقة. ونقلا عن عشرات الدراسات أشار الدكتور إلى أن البحث الذي أجري حول الأفلام الإباحية الشهيرة أوضح أن ٨٨٪ من مشاهدها تحتوي على اعتداء لفظي أو جسدي غالباً تجاه المرأة. وفي تحول مثير للقلق وجد البحث أيضاً أنه في ٩٥ ٪ من المشاهد التي يستخدم فيها الرجل العنف والإهانة ضد المرأة تظهر المرأة أنها تحب هذا العنف أو ليس لديها اعتراض عليه. ويشرح الدكتور فوبيرت قائلا : “فكر كيف يمكن لصبي أو فتاة في الحادية عشر عاماً تفسير ما يرونه. الإباحية تعلم الأولاد ضرب الفتيات وتظهر للفتاة أنها ينبغي أن تحب ذلك. ذلك النوع من العنف السائد الآن في المواد الإباحية كافي لهز كل ضمير حي صاحبه غير مثار. ما يقرب من نصف المقاطع الإباحية المتوفرة على الإنترنت اليوم تنتهي برجال، غالباً عديد من الرجال يقذفون علي وجه امرأة. وحوالي النصف من المواد الإباحية اليوم تتضمن رجلا يدخل قضيبه في مستقيم المرأة ثم يدخله في فمها بدون غسله أو استخدام الواقي الذكري. الآن ممارسة الجنس الفموي العنيف لدرجة تجعل المرأة تتقيأ أصبح سائدا، وبالرغم من أن معظم ما يبحث عنه الأولاد قد يعتبر محظورا إلا أن نصفهم قد شاهدوا الإباحية الفاضحة قبل وصولهم سن المراهقة ،فهل هذه المشاهدة تؤثر على السلوك؟ ثقل الأدلة العلمية تقدم إجابة مقنعة هي : نعم.” يدعم باحثون آخرون هذه الاستنتاجات. ليست كل الدراسات، ولا حتي كل دراسات الارتباط، تؤكد نظرية “إباحية أكثر عنف أقل”. قد أظهرت دراسات أخري تتبع منهجية مماثلة نقيض ما استشهدت به كثيراً من دراسات عديدة. وعلي سبيل المثال، وثقت دراسة أجريت عام ٢٠١٥ وجود ارتباط قوي بين زيادة توافر الإنترنت في الهند وزيادة معدلات الجرائم الجنسية ضد الأطفال خاصة اغتصاب الفتيات القاصرات. وأثناء مناقشتهم لنتائج الدراسة ذكر المؤلفون :
“لقد ارتفعت معدلات الجرائم الجنسية ضد الأطفال في الهند بشكل ملحوظ علي مدى العقد الماضي. وتشير نتائجنا إلي أن هذه الزيادة مرتبطة بشكل كبير بزيادة إمكانية الوصول إلي الإنترنت، علاوة علي ذلك أظهرت معدلات هذه الجرائم وتوافر الإنترنت اتجاها تصاعديا كبيراً بالنسبة للجرائم الجنسية تقريباً في نفس العام – ٢٠٠٥ وبالنسبة للدخول إلى الإنترنت في عام ٢٠٠٦. وتشير هذه النتائج إلى أن هناك ارتباط زمني وعلاقة طردية بين المقياس التقريبي لمدى إمكانية الحصول على المواد الإباحية – بما في ذلك إباحية الأطفال – وبين نوعان محددان من الجرائم الجنسية ضد الأطفال. ونظرا لأن هذا الارتباط دائماً ما ارتبط بجرائم اغتصاب الأطفال وشراء الفتيات القاصرات فمن غير الراجح أن يكون ذلك من قبيل الصدفة. “هذه الدراسة ليست غريبة أو شاذة. وجدت مراجعة حديثة أن ٥٠ دراسة كاملة تم استعراضها من قبل النظراء تربط بشكل مباشر استخدام الإباحية بالعنف الجنسي. علي وجه التحديد استنتج الباحثون أن المراجعة الشاملة للمؤلفات تدعم” وجود ارتباطات موثقة بين استخدام الإباحية المتكرر وبين السلوكيات العدوانية الجنسية خاصة بالنسبة للإباحية العنيفة و/أو للرجال المعرضين لخطر كبير يتعلق بالاعتداء الجنسي.” وبعيدا عن الحد من العنف الجنسي فإن استخدام الإباحية في الحقيقة يغذي ثقافة أن النساء مجرد أدوات للجنس ويتقبلن الاغتصاب، كما اتضح من خلال ربط زيادة احتمالية استخدام الإكراه للحصول على الجنس من قبل العديد من مستهلكي المواد الإباحية واشتراكهم في سلوكيات التحرش الجنسي.
# النقطة الثانية : دراسات مختلفة تستخدم أساليب مختلفة – وهذه الأساليب معقدة
لا يزال السؤال مطروحا: لماذا تظهر بعض دراسات الارتباط أن العنف يزداد كلما زادت إمكانية الحصول على المواد الإباحية بينما تظهر دراسات أخري أن العنف يقل؟ قد تبدو البساطة علي دراسات الارتباط في بعض الأحيان، ولكن اتضح أن هناك تعقيدا هائلا أسفل الظاهر خاصة فيما يتعلق بالديناميات وبالجوانب المعقدة التي لا يمكن قياسها أبدا. ومع ذلك، ففي معظم الحالات تقتصر دراسة الارتباط علي قياس عدد قليل من المتغيرات – عادة مع أسئلة مفردة بدلاً من جداول أسئلة متعددة. في كل حالة، يتحتم علي الباحث قياس متغير من المتغيرات بطريقة معينة في حين يترك العديد من الاحتمالات المختلفة.
# النقطة الثالثة :لا يزال الإبلاغ عن العنف الجنسي مستمرا وملحوظا
كما تناولنا في وقت سابق فإن الأرقام المتعلقة بانتشار الاعتداء الجنسي تعتمد بشكل كبير علي نهج القياس، وكما هو واضح وبديهي نحن نقيس فقط ما نقوم بقياسه! تم الإبلاغ عن ٨٥.٥٩٣ حالة فقط في عام ٢٠١٠ في مكتب التحقيقات الفيدرالي والذي يجمع بياناته من الشرطة المحلية لإنفاذ القانون (وبالتالي يحصي فقط حالات الاغتصاب ومحاولات الاغتصاب التي تم الإبلاغ عنها كجرائم). وكانت القياسات الأخرى أعلي كثيرا وقد ارتفعت على مر السنين كلما تحسنت المقاييس ، فعلي سبيل المثال بعد التحول من المداخلات الهاتفية بمساعدة الحاسوب إلي المقابلات التي أجراها ممثلون ميدانيون أظهر المسح الاستقصائي الوطني لضحايا الجريمة زيادة بنسبة ٢٥٪ في حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي التي تم الإبلاغ عنها (حيث ارتفعت من ١٩٠.٦٠٠ حالة اغتصاب واعتداء جنسي في عام ٢٠٠٥ إلي ٢٤٨.٣٠٠ في عام ٢٠٠٧).صرح كريستوفر كريبس، الباحث فيما يتعلق بالعنف الجنسي قائلا “ربما أغفل المسح الاستقصائي الوطني لضحايا الجريمة الكثير” خاصة الحالات التي لم تستطع فيها المرأة الدفاع عن نفسها بسبب المخدرات أو الكحول. وكما ذكرت الصحفية إيميلي بازيلون أن “البيانات المحلية عن الاغتصاب التي تم الاستشهاد بها مرارا وتكرارا لم تطرح سؤالا واحدا عن ما إذا كانت الضحية ليست موافقة بسبب المخدرات أو الكحول علي الرغم من أن ذلك عامل خطر كبير.”
ومن بين أمور أخري تشير هذه الأرقام الجديدة إلي أن تقديرات الحكومة السابقة علي الأرجح قللت بشكل كبير من معدلات العنف الجنسي في البلاد، مع تعداد أكثر دقة لتوثيق المزيد، وليس القليل، من حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي، وحتي باستخدام أساليب دراسة أكثر تقدما تراعي الموافقة تحت تأثير المخدرات فإن أخر مسح وطني بشأن الشريك الحميم والعنف الجنسي (٢٠١٠) المرتبط بمراكز السيطرة علي الأمراض بلغ ١.٢٧ مليون فعل جنسي لانتهاك المرأة قسرا علي مدار العام الماضي (بما في ذلك الجريمة المكتملة والجريمة المشروع فيها فقط والجريمة الميسر ارتكبها بالمخدرات أو الكحول). وخلاصة القول كلما اختلفت الكيفية التي نقيس بها حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي كلما كانت النتائج مختلفة اختلافا هائلا، حيث اختلفت من ٨٥.٥٩٣ حالة اغتصاب أو محاولة اغتصاب (طبقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي ٢٠١٠) عن ٢٤٨.٣٠٠ حالة اغتصاب واعتداء جنسي (طبقا للمسح الاستقصائي الوطني لضحايا الجريمة ٢٠٠٧) وعن ١.٢٧ مليون محاولة اغتصاب أو حالة اغتصاب كاملة أو اعتداء جنسي (طبقا للمسح الوطني بشأن الشريك الحميم والعنف الجنسي ٢٠١٠)
وعلي الرغم من كل هذه الاختلافات فهناك الكثير من أنواع محددة من البيانات يشار إليها بأنها الأنسب لمواضع معينة. وكما ذكر من قبل “إنه لمصدر حقيقي للقلق أن يكون هناك مثل هذا التباين الهائل بين الاستقصاء الوطني (ذا البيانات الأعلى جودة) وبين الاستقصاءات الأخرى التي لا تملك مثل هذه البيانات ومع ذلك يتم الاستشهاد بها كثيراً.” ويصدق هذا الأمر أكثر في أجزاء أخرى من العالم حيث يندر الإبلاغ عن الاغتصاب بسبب وصمة العار الاجتماعية الشديدة التي تلقى على من تعرضن للاغتصاب أو بسبب الخوف من أن يتم التبرؤ منهن من قبل أسرهن أو بسبب الخوف من أن يتعرضن للعنف تحت مسمى جرائم الشرف. وعلاوة على ذلك ففي البلدان التي يعتبر فيها ممارسة الجنس قبل الزواج والزنا ضدا القانون قد تواجه ضحايا الاغتصاب ملاحقة قضائية بموجب هذه القوانين إذا لم يكن هناك دليل كاف لإثبات تعرضهن للاغتصاب في المحاكم.
وبالرغم من إمكانية القياس إلا أن هذه الأرقام تعكس مشكلة كبيرة كما أوجز أحد الباحثون قائلا “تظهر الأرقام في هذا الاستطلاع ارتفاعا مثيرا للقلق في معدلات العنف الجنسي في هذا البلد، وينبغي أن يكون ذلك بمثابة دعوة للاستيقاظ والقيام بالمزيد لمعالجة المشكلة في الولايات المتحدة .”
ترجمة سارة حمدي
مقال جميل و مفيد شكرا لكم على هذا المجهود ..
يجدر بنا الإشارة أن تعرض الأطفال للتحرش الجنسي يؤثر على شخصية الطفل خاصة لذلك وجب مراقبة أطفالنا من أجل تربية سليمة للطفل و شخصية متوازنة.
هنا مقال حول كيف تعرف أن طفلك تعرض للتحرش الجنسي
سأعلق علي كلمة كارثية قالتها كاتبة المقال تدل علي تغريب عقلها وجهلها وسطحية عقلها وهي المساواة الحقيقة بين الرجل والمرأة الاسلام لم يساوي بين الرجل والمرأة بل عدل بين الرجل والمرأة كل العدل مساواة ولكن ليست كل المساواة عدل يجب رفع الظلم عن المرأة من الاعتداءات التي تتعرض لها ولكن لا يجب رفع شعارات مثل المساواة لانها ستؤدي الي مفاسد وسيعممها الناس بجهل وغباء مثلما يحدث في الغرب بل العدل هو اسمي وارفع واقيم من المساواة وبالتالي يجب رفع شعار العدل بين الجنسين والمساواة بين الناس