كيف تحجب الإباحية على أي جهاز مجاناً؟

الشاب العصري يجد عذرًا جاهزًا لذيذًا.. كلما فكر في أن يخالف لوائح بوليس الآداب ويغرق في الهلس لأذنيه.. فهو يقول لك.. فرويد.. هل قرأت ما يقوله فرويد عن الكبت وعواقبه الوخيمة.. هل تعرف أن أهون هذه العواقب هي العقد النفسية والهستيريا والقلق والجنون؟
وفي كل مغامرة جنسية تجد من يتبجح أمامك بهذه الآراء.. باقتناع.. أو لمجرد التبجح..
وقد تكون المتكلمة امرأة تحدثك عن الحرية الجنسية كوسيلة لبلوغ الصحة النفسية.
كلام فارغ طبعًا.
ولكن المسئول هو فرويد.
– فرويد هو المسئول الأول عن انتشار الجرسونيرات في العصر الحديث.. واقتراف الهلس باقتناع.. وراحة ضمير.. وأعصاب باردة.. كعلاج علمي موضوعي للأمراض النفسية.
وفرويد مات وشبع موتًا، ولكن نظريته ما زالت تعيش بيننا.. وتجد الأتباع والمؤمنين من الجنسين.. من أصحاب الشقق الخاصة والأوكار الغرامية والليالي الحمراء..
وتعالوا نناقش هذا الرجل..
يزعم فرويد في نظرية طويلة عريضة.. أن الإنسان مخلوق جنسي يستهدف اللذة الجنسية في جميع مراحل حياته في طفولته وصباه وشبابه وشيخوخته.
في الطفولة يتلذذ الطفل بفمه في الرضاعة.. ويتلذذ بتحسس جسمه العري وباستعراض أعضائه في زهو لا يعرف الخجل.. ويتجه بغرائزه إلى أمه فيعشقها ويغار عليها من أبيه.. وأكثر من هذا يحقد على أبيه ويتمنى أن يقتله.. «عقدة أوديب» ومن ناحية أخرى يتشبه به ويقلده ويتمثل به ليتخلص من أحاسسه بالصغر فيصطنع لنفسه شاربًا يرسمه بالقلم الفحم ويضع في فمه سيجارة ويفخم حركاته ويضخم صوته ويختال في مشيته ويتكلم بلغة الواعظ.. ومن هذا التمثيل تنشأ بذرة الضمير.
ثم يتخلص من نطاق عائلته لينزل إلى الشارع ويخرج من حبه لنفسه ليدخل في علاقات حب مع الآخرين ممن يشبهونه من نفس الجنس.. الولد يحب الولد.. والبنت تحب البنت..
والتجمد في هذه المرحلة يؤدي إلى الشذوذ الجنسي..
وهو تجمد يندر حدوثه لأن فترة البلوغ تنتزع الصبي من هذا الحب لتركز انتباهه حول شيء آخر هو أعضاؤه التناسلية.. وتوقظ فيه أحاسيس الشبق والشهوة وتلقي به في أحضان الجنس الآخر.. فيسعى إليه ليصطدم بالحلال والحرام والتقاليد والعرف والأخلاق والدين والأصول وما يجب وما لا يجب وما يجوز وما لا يجوز.. وتكون نتيجة هذا الصدام أن يدفن كل رغباته غير المشروعة في عقله الباطن..
وتظل هذه الرغبات صاحية لا تموت رغم الكبت.. تظل مدفونة بالحياة.. تتمطأ بين وقت وآخر أثناء النوم لتعيش في الأحلام بأسماء رمزية.. الذكورة برموزها.. الثعبان والشجرة والسكين والعصا والمظلة. والأنوثة برموزها.. الدائرة والكهف والزجاجة والصفيحة والباب وعلبة المجوهرات.. والجنس برموزه الركوب والطيران والجري والتسلق والسباحة والرقص.
كل الأحلام رموز جنسية ومحاولات مقنعة للارتواء الجنسي.. ولإشباع الرغبات المكبوتة..
والهيستريا والأمراض العصبية هي ظهور هذه المحاولات الرمزية في اليقظة بدلًا من اقتصارها على الأحلام..
وكل ما يحدث لنا في صبانا وشبابنا ورجولتنا من قلق وعقد ومعاناة نفسية سببه كبت رغباتنا الطفلية وبعثها في صورة عصابية غير واعية.. ولعلاجها يعمد الطبيب النفساني إلى جعلها واعية مدركة.. وحينما يدرك المريض ازدواجه والصراع المحتوم في نفسه بين رغباته الباطنة ورغباته الواعية.. يشفى.
الحياة كلها جنس في جنس..
والفن ما هو إلا تسام بالجنس وارتفاع به.. وطاقة الخلق الفني هي طاقة جنسية ارتفع بها صاحبها عن استدرار إعجاب امرأة واحدة إلى استدرار إعجاب كل النساء.
والانفعالات الدينية مشتقة كلها من مخاوف الطفولة.
الطفل الذي يعشق أمه ويكره أباه يتخذ من هذا الأب مثلًا أعلى يقلده في الوقت نفسه.. وهذا المثل الأعلى الذي يخافه ويتمثّل به في الوقت نفسه هو بذرة الضمير.. هو فكرة الطفل الأولى عن الكائن الأسمى.. عن الله وعبادته لهذا الأب السماوي هي اعتذاره وتكفيره عن رغبته في قتل الأب الأرضي.
كل شيء جنسي في جنسي.. كل الأشواق مشتقة من أشواق جنسية.. هذا كلام فرويد..
والغريب أن فرويد نفسه صاحب هذه النظرية كان يعيش في شبه تطهر مسيحي.
إلى هذا الحد كانت حياته تكذب آراءه.
وفي كل مغامرة جنسية تجد من يتبجح أمامك بهذه الآراء.. باقتناع.. أو لمجرد التبجح..
وقد تكون المتكلمة امرأة تحدثك عن الحرية الجنسية كوسيلة لبلوغ الصحة النفسية.
كلام فارغ طبعًا.
ولكن المسئول هو فرويد.
– فرويد هو المسئول الأول عن انتشار الجرسونيرات في العصر الحديث.. واقتراف الهلس باقتناع.. وراحة ضمير.. وأعصاب باردة.. كعلاج علمي موضوعي للأمراض النفسية.
وفرويد مات وشبع موتًا، ولكن نظريته ما زالت تعيش بيننا.. وتجد الأتباع والمؤمنين من الجنسين.. من أصحاب الشقق الخاصة والأوكار الغرامية والليالي الحمراء..
وتعالوا نناقش هذا الرجل..
يزعم فرويد في نظرية طويلة عريضة.. أن الإنسان مخلوق جنسي يستهدف اللذة الجنسية في جميع مراحل حياته في طفولته وصباه وشبابه وشيخوخته.
في الطفولة يتلذذ الطفل بفمه في الرضاعة.. ويتلذذ بتحسس جسمه العري وباستعراض أعضائه في زهو لا يعرف الخجل.. ويتجه بغرائزه إلى أمه فيعشقها ويغار عليها من أبيه.. وأكثر من هذا يحقد على أبيه ويتمنى أن يقتله.. «عقدة أوديب» ومن ناحية أخرى يتشبه به ويقلده ويتمثل به ليتخلص من أحاسسه بالصغر فيصطنع لنفسه شاربًا يرسمه بالقلم الفحم ويضع في فمه سيجارة ويفخم حركاته ويضخم صوته ويختال في مشيته ويتكلم بلغة الواعظ.. ومن هذا التمثيل تنشأ بذرة الضمير.
ثم يتخلص من نطاق عائلته لينزل إلى الشارع ويخرج من حبه لنفسه ليدخل في علاقات حب مع الآخرين ممن يشبهونه من نفس الجنس.. الولد يحب الولد.. والبنت تحب البنت..
والتجمد في هذه المرحلة يؤدي إلى الشذوذ الجنسي..
وهو تجمد يندر حدوثه لأن فترة البلوغ تنتزع الصبي من هذا الحب لتركز انتباهه حول شيء آخر هو أعضاؤه التناسلية.. وتوقظ فيه أحاسيس الشبق والشهوة وتلقي به في أحضان الجنس الآخر.. فيسعى إليه ليصطدم بالحلال والحرام والتقاليد والعرف والأخلاق والدين والأصول وما يجب وما لا يجب وما يجوز وما لا يجوز.. وتكون نتيجة هذا الصدام أن يدفن كل رغباته غير المشروعة في عقله الباطن..
وتظل هذه الرغبات صاحية لا تموت رغم الكبت.. تظل مدفونة بالحياة.. تتمطأ بين وقت وآخر أثناء النوم لتعيش في الأحلام بأسماء رمزية.. الذكورة برموزها.. الثعبان والشجرة والسكين والعصا والمظلة. والأنوثة برموزها.. الدائرة والكهف والزجاجة والصفيحة والباب وعلبة المجوهرات.. والجنس برموزه الركوب والطيران والجري والتسلق والسباحة والرقص.
كل الأحلام رموز جنسية ومحاولات مقنعة للارتواء الجنسي.. ولإشباع الرغبات المكبوتة..
والهيستريا والأمراض العصبية هي ظهور هذه المحاولات الرمزية في اليقظة بدلًا من اقتصارها على الأحلام..
وكل ما يحدث لنا في صبانا وشبابنا ورجولتنا من قلق وعقد ومعاناة نفسية سببه كبت رغباتنا الطفلية وبعثها في صورة عصابية غير واعية.. ولعلاجها يعمد الطبيب النفساني إلى جعلها واعية مدركة.. وحينما يدرك المريض ازدواجه والصراع المحتوم في نفسه بين رغباته الباطنة ورغباته الواعية.. يشفى.
الحياة كلها جنس في جنس..
والفن ما هو إلا تسام بالجنس وارتفاع به.. وطاقة الخلق الفني هي طاقة جنسية ارتفع بها صاحبها عن استدرار إعجاب امرأة واحدة إلى استدرار إعجاب كل النساء.
والانفعالات الدينية مشتقة كلها من مخاوف الطفولة.
الطفل الذي يعشق أمه ويكره أباه يتخذ من هذا الأب مثلًا أعلى يقلده في الوقت نفسه.. وهذا المثل الأعلى الذي يخافه ويتمثّل به في الوقت نفسه هو بذرة الضمير.. هو فكرة الطفل الأولى عن الكائن الأسمى.. عن الله وعبادته لهذا الأب السماوي هي اعتذاره وتكفيره عن رغبته في قتل الأب الأرضي.
كل شيء جنسي في جنسي.. كل الأشواق مشتقة من أشواق جنسية.. هذا كلام فرويد..
والغريب أن فرويد نفسه صاحب هذه النظرية كان يعيش في شبه تطهر مسيحي.
إلى هذا الحد كانت حياته تكذب آراءه.
هل يمكن أن يكون فرويد على صواب؟
إنه يمكن أن يكون صوابًا في فترة واحدة هي فترة المراهقة حيث تشتد النوازع الجنسية وتتصدر الدوافع الأخرى بحكم التحول الفسيولوجي.. وهي فترة عابرة.. لا يمكن أن يفسر الإنسان على أساسها.. وإلا كنا أشبه بالطبيب الذي ينظر إلى ما يحدث لمريضه أثناء حمى الأنفلونزا ثم يطبقه على كافة مراحل حياته وعلى كافة الطبيعة البشرية..
غير معقول!!
إنه يمكن أن يكون صوابًا في فترة واحدة هي فترة المراهقة حيث تشتد النوازع الجنسية وتتصدر الدوافع الأخرى بحكم التحول الفسيولوجي.. وهي فترة عابرة.. لا يمكن أن يفسر الإنسان على أساسها.. وإلا كنا أشبه بالطبيب الذي ينظر إلى ما يحدث لمريضه أثناء حمى الأنفلونزا ثم يطبقه على كافة مراحل حياته وعلى كافة الطبيعة البشرية..
غير معقول!!
إن ما يحدث أثناء المراهقة هو اختلال هرموني مؤقت.. ولا يمكن الحكم على الإنسان بهذا الاختلال طول حياته، ولا يمكن إدانة البشرية بهذا الاختلال.
ومحاولة تفسير الطفل على أنه حيوان جنسي تعسف واضح.
فاللذة الجنسية لا وجود لها عند الطفل.. وتلذذ الطفل بثدي أمه هو تلذذ جائع بالطعام.. والطفل حينما يستعيض عن الثدي بوضع أصبعه في فمه ليرضع يفعل هذا بحكم العادة لا أكثر.. واعتبار الخلق الفني تساميًا بالجنس مبالغة ليس لها سند علمي، وحتى لو افترضنا جدلًا أن الأغاني الرخيصة هي نداءات جنسية مستترة.. فكيف يمكن أن تكون سيمفونيات بيتهوفن ومسرحيات شكسبير وتماثيل رودان ولوحات جوجان وأشعار هوميروس.. نداءات جنسية.
ولماذا نتساملى بالجنس، وفي إمكاننا أن نشبع رغباتنا الجنسية مباشرة مع أي امرأة..
إن حال من يفعل هذا مثل حال جحا حينما قالوا له: «فين ودنك يا جحا» فمضى يلف يده في الهواء ويلتوي بها إلى الخلف ليصل إلى أذنه من أبعد الطرق.
كلام غير معقول.
لو كان الدافع إلى الفن هو الجنس لما أمضى الفنان نفسه بمشقة العمل الخلاق ولمضى إلى لذته الجنسية من أقرب ماخور.. ولو أن فكرة الضمير وفكرة التدين نشأت على هذه الصورة التي يرويها فرويد.. لوجب أن تنتفى الأفكار الدينية في المجتمعات البدائية الأولى حيث كان الاختلاط الجنسي هو القاعدة.. وحيث كان تلاقح المحارم.. الأخ بالأخت.. والأم بالابن.. والأب بالبنت.. بلا عقدة أوديب وبلا عقدة الكترا.
والذي نعرفه من التاريخ أن الأمر على نقيض ذلك.. وأن الأفكار الدينية كانت موجودة في هذه المجتمعات وكانت موجودة قبلها.
وكانت من قبل ذلك موغلة في القدم، وأنها مرتبطة بالإنسان منذ وجد على الأرض…
إن ما يقوله فرويد لا يستقيم مع ما نعرفه في التاريخ.. وآرؤاه لا تستطيع أن تدين هذا التاريخ.. وإذا كانت تدين أحدًا فهي لا تدين سوى صاحبها.. فلاشك أن فرويد هو صاحب الخيال الجنسي الذي يرى في كل شيء مستدير عضوًا أنثويًّا وفي كل شيء مستطيل عضوًا مذكرًا..
ومحاولة تفسير الطفل على أنه حيوان جنسي تعسف واضح.
فاللذة الجنسية لا وجود لها عند الطفل.. وتلذذ الطفل بثدي أمه هو تلذذ جائع بالطعام.. والطفل حينما يستعيض عن الثدي بوضع أصبعه في فمه ليرضع يفعل هذا بحكم العادة لا أكثر.. واعتبار الخلق الفني تساميًا بالجنس مبالغة ليس لها سند علمي، وحتى لو افترضنا جدلًا أن الأغاني الرخيصة هي نداءات جنسية مستترة.. فكيف يمكن أن تكون سيمفونيات بيتهوفن ومسرحيات شكسبير وتماثيل رودان ولوحات جوجان وأشعار هوميروس.. نداءات جنسية.
ولماذا نتساملى بالجنس، وفي إمكاننا أن نشبع رغباتنا الجنسية مباشرة مع أي امرأة..
إن حال من يفعل هذا مثل حال جحا حينما قالوا له: «فين ودنك يا جحا» فمضى يلف يده في الهواء ويلتوي بها إلى الخلف ليصل إلى أذنه من أبعد الطرق.
كلام غير معقول.
لو كان الدافع إلى الفن هو الجنس لما أمضى الفنان نفسه بمشقة العمل الخلاق ولمضى إلى لذته الجنسية من أقرب ماخور.. ولو أن فكرة الضمير وفكرة التدين نشأت على هذه الصورة التي يرويها فرويد.. لوجب أن تنتفى الأفكار الدينية في المجتمعات البدائية الأولى حيث كان الاختلاط الجنسي هو القاعدة.. وحيث كان تلاقح المحارم.. الأخ بالأخت.. والأم بالابن.. والأب بالبنت.. بلا عقدة أوديب وبلا عقدة الكترا.
والذي نعرفه من التاريخ أن الأمر على نقيض ذلك.. وأن الأفكار الدينية كانت موجودة في هذه المجتمعات وكانت موجودة قبلها.
وكانت من قبل ذلك موغلة في القدم، وأنها مرتبطة بالإنسان منذ وجد على الأرض…
إن ما يقوله فرويد لا يستقيم مع ما نعرفه في التاريخ.. وآرؤاه لا تستطيع أن تدين هذا التاريخ.. وإذا كانت تدين أحدًا فهي لا تدين سوى صاحبها.. فلاشك أن فرويد هو صاحب الخيال الجنسي الذي يرى في كل شيء مستدير عضوًا أنثويًّا وفي كل شيء مستطيل عضوًا مذكرًا..
أما الإنسانية فهي بريئة من هذه الرؤى.
إن هذه النظرة الضيقة التي تفسر كل شيء بالجنس لا يمكن أن تكون صادقة، فالإنسان ليس عبدًا لرغبته الجنسية فقط.. وإنما هو عبد لأكثر من لذة.. لذة الجنس.. ولذة الحب.. ولذة الصداقة.. ولذة الجمال.. ولذة المعرفة.. ولذة السيطرة.. ولذة القوة.. ولذة الحرية.
والسعادة هي ائتلاف هذه اللذات كلها في حياة منسجمة.. وفي نظرة رحبة واسعة الأفق..
والتدنّي الجنسي لا يمكن أن يكون وسيلة للصحة النفسية وللخلاص من القلق والعُقد والأمراض العصبية.. والعكس هو الصحيح فالمشاهد أن أصحاب المزاج الحيواني وعبيد الكاس والطاس ومحترفي الليالي الحمراء الشبعانين بالليل والنهار هم في الحقيقة أصحاب الشخصيات الرخوة المريضة القلقة.
أين ملامح الصحة النفسية في مثال فاروق وأشباهه من الملوك والأمراء، وكل منهم يجد رغبته قبل أن يتلفظ بها.. وكل منهم شخصية محلولة رخوة.. وما يقال في الفرد يقال في الأمة التي تنهار وتتفكك حينما تتخمها اللذة..
وإنما تنمو الشخصية في الأفراد وفي الأمم بتربية الإرادة.. بالتحكم في النفس وكبح الرغبة، بهذا وحده تنمو الشخصية السويّة القادرة..
وإذا كانت كلمات فرويد تبهر القارئ المراهق لأول مرة، فإنها على مر الزمن تفقد سحرها كلما خرج هذا المراهق من مراهقته وشرع ينظر إلى الدنيا نظرة جديدة واسعة.
وهو دائمًا ينتهي به المطاف إلى الشك في فرويد.
وهو دائمًا شكٌّ في محله.
إن هذه النظرة الضيقة التي تفسر كل شيء بالجنس لا يمكن أن تكون صادقة، فالإنسان ليس عبدًا لرغبته الجنسية فقط.. وإنما هو عبد لأكثر من لذة.. لذة الجنس.. ولذة الحب.. ولذة الصداقة.. ولذة الجمال.. ولذة المعرفة.. ولذة السيطرة.. ولذة القوة.. ولذة الحرية.
والسعادة هي ائتلاف هذه اللذات كلها في حياة منسجمة.. وفي نظرة رحبة واسعة الأفق..
والتدنّي الجنسي لا يمكن أن يكون وسيلة للصحة النفسية وللخلاص من القلق والعُقد والأمراض العصبية.. والعكس هو الصحيح فالمشاهد أن أصحاب المزاج الحيواني وعبيد الكاس والطاس ومحترفي الليالي الحمراء الشبعانين بالليل والنهار هم في الحقيقة أصحاب الشخصيات الرخوة المريضة القلقة.
أين ملامح الصحة النفسية في مثال فاروق وأشباهه من الملوك والأمراء، وكل منهم يجد رغبته قبل أن يتلفظ بها.. وكل منهم شخصية محلولة رخوة.. وما يقال في الفرد يقال في الأمة التي تنهار وتتفكك حينما تتخمها اللذة..
وإنما تنمو الشخصية في الأفراد وفي الأمم بتربية الإرادة.. بالتحكم في النفس وكبح الرغبة، بهذا وحده تنمو الشخصية السويّة القادرة..
وإذا كانت كلمات فرويد تبهر القارئ المراهق لأول مرة، فإنها على مر الزمن تفقد سحرها كلما خرج هذا المراهق من مراهقته وشرع ينظر إلى الدنيا نظرة جديدة واسعة.
وهو دائمًا ينتهي به المطاف إلى الشك في فرويد.
وهو دائمًا شكٌّ في محله.
من كتاب يوميات نص الليل للدكتور مصطفى محمود
Related posts
مع الأسف مثل هذا الكلام الفاسق و البديئ هو ما يمنح له ميداليآت و جوائز.