
يتعرض المراهقون يوميًا لأخطار على الإنترنت — لكنهم نادرًا ما يُخبِرون والدِيهم
مراهقو هذه الأيام كأنهم “مواطنون رقميون”، وكأنهم وُلِدوا -بمعنى الكلمة- بِرُقَاقَة حاسوب داخل أدمغتهم. إنهم يرسلون ويتلقون الرسائل بشكل عفوي عبر الواتس اب والتطبيقات المتنوعة، ويتلقون أخبارهم من انستجرام وينشرون يومياتهم عبر فيس بوك ويطرحون التساؤلات ويتفاعلون مع الأحداث عبر تويتر وتطبيقات الويب المختلفة، ويعيشون في الواقع الافتراضي أكثر مما يعيشون في الحياة الواقعية.
أوضحت دراسة أن المراهقين والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 24 يُمضون 200 دقيقة تقريبًا في اليوم (3 ساعات و20 دقيقة) على الإنترنت على الأجهزة النَقَّالة. مع هذا المقدار من الوقت كثيرًا ما يتعرضون لأخطار سواءً تَقَصَّدوا ذلك أم لا. كلما كان رد فعل الوالدين أقل اتزانًا على مثل هذه الأحداث، كلما قلت احتمالية إبلاغ المراهق والديه عنها في المرة التالية
كان ذلك مقتطَف من دراسة جديدة مُبْهِرة استكشفَت كيف يَرصُد المراهقون ووالدِيهم الأحداث الخطرة التي تقع خلال استخدام الإنترنت وكيف يتواصلون بشأنها —أو لا يتواصلون. اِتَّضَح أنهم لا يُخبِرون والدِيهم إلا مرة واحدة من بين كل أربع مرات يواجهون فيها حَدَثًا خطيرًا على الإنترنت (غالبًا طلبًا للمساعدة).) رابط الدارسة)
“يحتاج المراهقون إلى المساعدة في إبحارهم بأمان خلال مخاطر الإنترنت التي يواجهونها؛ حتى يتعلموا منها ويَسْلَموا. ومع ذلك ما لم يشعر المراهقون بأنهم يستطيعون الثقة بوالدِيهم لمساعدتهم فإنه سيتعين عليهم في النهاية التعامل مع هذه المخاطر بأنفسهم”، كما ذكرت الباحثة الرئيسة “باميلا ويسنيوسكي”، الحائزة على درجة الأستاذية من جامعة “سنترال فلوريدا” وزملاؤها في الدراسة الجديدة.
● وقد قدم الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في مؤتمر ACM حول العمل التعاوني المدعوم بالحاسوب، والحوسبة الاجتماعية، في 27 شباط (فبراير)، مستشهِدين ببعض الإحصاءات الملفتة (على الأقل، إن لم تكن مفاجِئة) في دراستهم:
%9 من المراهقين تعرضوا لمحاولات إغواء جنسي غير مرغوب فيها
%23 منهم تعرضوا لمواد إباحية غير مرغوب فيها
%11 تعرضوا للتحرش (التَنَمُّر) أو المضايقات عبر الإنترنت
ومالا يقل عن 8% عاشوا تجربة رومانسية مع أحدهم عبر الإنترنت
أشار الباحثون إلى أن “هذه التقنيات هي جزء من حياة المراهقين اليومية، وأن التعامل مع هذه الحقيقة الرقمية الجديدة أصبح جزءًا لا يتجزأ من التربية الجيدة، ويجب أن يترسخ في عمليات التواصل العائلي”.
مع ذلك يغلب على الأهل تجاهل احتمال تعرض أبنائهم لمخاطر الإنترنت كانتهاكات الخصوصية أو نشر معلومات أو صور من غير إذن أو التحرش والمضايقات عبر الإنترنت أو محاولات التغرير/الإغواء الجنسي أو التعرض لرؤية إباحية فاضحة أو محتوى عنيف أو شاذ أو غير ملائم على أقل تقدير. كما كشفت الدراسة أنه من غير المُتَوَقَّع أن يبادر المراهقون بالإبلاغ عن هذه المعلومات إلا اِلتِماسًا لمساعدة والدِيهم.
طَوَّعَ الباحثون 68 زوجًا من المراهقين والآباء (أو الأمهات) (ما عدا جَدَّة واحدة) من ولايات أمريكية مختلفة لِتَتَبُّع الأحداث الخطرة أثناء أنشطة المراهقين عبر الإنترنت مع تدوين ملاحظات أسبوعية على مدى 8 أسابيع. كذلك وَثَّق كل من المراهقين ووالدِيهم ردودَ أفعالهم تجاه تلك الأحداث.
على الرغم من أن المراهقين جاؤوا من 13 ولاية مختلفة، فإن 3 من بين كل 4 منهم قدموا من ولاية “بنسلفانيا ” في هذه الدراسة، و60% منهم يعيش مع كِلا أبويه.
%9 فقط من الآباء لم ينالوا تعليمًا جامعيًا (أكثر من النصف بقليل منهم انخرط في التعليم الجامعي لكنه لم يكمله)، وأما دخل أسرهم فتراوح بين أقل من 30 ألف دولار إلى أكثر من 150 ألف سنويًا. معظمهم من أصول أوروبية، عدا 15% من أصول إفريقية و4% إسبانيو الأصل و3% آسيويون.
وقد قُسِّمَت الأحداث المُتَتَبَّعَة إلى أربع فئات:
1-انتهاك معلومات 2-مضايقة عن طريق الإنترنت 3-إغواء جنسي 4-التعرض لمحتويات صارخة (عنيفة أو شاذة أو مقاطع وصور إباحية).
خلال شَهْرَي الدراسة، أبلغ الآباء والمراهقون عن 249 حَدَثًا مختلفًا ضمن أحد هذه الفئات مرتبطًا باستخدام المراهقين للإنترنت.
ولكن لم يتم التداخل سِوى 15% من هذه الأحداث. وهذا يعني أن حدثًا واحدًا فقط من بين كل سبعة أحداث اشترك الآباء والمراهقون في الإبلاغ عن وقوعه.
والأغلبية العظمى مما واجهه المراهقون لم يبلغوا عنه آباءهم، أما نسبة الأحداث التي رصدها الآباء ولم يبلغ عنها المراهقون فهي الأقل.
كانت البلاغات المشتركة بين الأهالي والمراهقين غالبًا متعلقة بالمضايقات ومحاولات الإغواء/التغرير الجنسي وتضمنت أخطارًا أكبر على المراهقين.
وكان أغلب الحالات التي عرف عنها الأهالي بسبب طلب أبنائهم لمساعدتهم.
أما الكَثْرة الكاثِرة من الحالات الأخرى فقد احتفظ المراهقون بها غالبًا لأنفسهم.
كثيرًا ما شعروا بالارتباك أو عدم الارتياح لكنهم مع ذلك لم يبلغوا ذويهم لأنهم ظنوا في معظم الحالات أن الأمر لا يستحق. أو أنهم لم يرغبوا بالتعامل مع رد فعل سلبي من أهاليهم.
ذكر الباحثون أنه “في 17% من البلاغات التي انفرد بها المراهقون و24% من البلاغات التي توافقت مع بلاغات المراهقين، كان ثاني أكبر سبب لعدم إخبار الوالدين هو شعور المراهق أن رد فعل الأب أو الأم سيكون سلبيًا، وكثيرًا ما خافوا من تعرضهم للعقاب على ما حدث حتى لو لم يكن خطأهم”.
“قد ينظرون ضِمْنيًّا إلى كلام ذويهم حول ما حدث كشكل من أشكال العقاب، حتى لو لم يفرض الآباء قيودًا رسمية”.
وحتى في الأحداث التي أبلغ عنها الأهالي والمراهقون معًا فإن 7% منها فحسب عرف الأهل فيها تفاصيل دقيقة لِما حدث، و2% فقط من الأحداث تكلم عنها المراهقون لأن أهاليهم سألوهم عنها.
ويستنتج الباحثون: “لدينا الآن معرفة أكبر حول سبب فشل التواصل الأسري وتفككه، وسبب ذلك على الأغلب تعامل الوالدين وردود أفعالهم السلبية تجاه أولادهم عند تعرضهم لمخاطر الإنترنت”.
تشير “ويسنيوسكي” إلى أن “تحسين ردود أفعال الوالدين عندما يبادر المراهقون بمشاركتهم معلومات قد يساعد في سد فجوة فهم حياة المراهقين هذه الأيام”.
وتضيف: “عندما يتحدث المراهقون عن تجاربهم الخطرة على الإنترنت، استمع لهم. امتنع عن إصدار أحكام وابحث عن فرص لمساعدتهم لاجتياز بعض التجارب الغريبة والمزعجة التي قد يواجهونها عبر الإنترنت. تَفَهَّم أنهم يعيشون في عالم مختلف ومفتوح على جميع أنواع المحتوَى الذي قد يكون مُفزِعًا لنا، لكن المبالغة في رد الفعل لا تساعد المراهقين. التربية القائمة على التخويف ليست هي الحل”.
في الختام أوصى الباحثون بأن كلًا من المراهقين والوالدين بحاجة إلى مواد تثقيفية ناجعة تتعلق بسلامة استخدام المراهقين للإنترنت، وكيفية تعامل المراهقين مع سلبيات الإنترنت، والسعي لتفاديها في المقام الأول.
وكتب الباحثون: “إن هذا النهج مُشابِه لتقديم تعليم جنسي شامل، بدلًا من نهج الامتناع فقط، الذي أثبت عدم جدواه”.
وأشاروا إلى أن منظمات مثل Common Sense Media و Family Online Safety Institute تقدم المساعدة، ولكن لم تتم بعد دراسة فاعلية الأساليب التي تنتهجها.
تقول ويسنيوسكي: “وإلى أن يتوفر المزيد من المواد التثقيفية والتدريب، يمكن للآباء والأمهات على الأقل أن يسألوا أبناءهم المراهقين بين الحين والآخر عما يحدث، ولكن عليهم مقاومة الدافع والرغبة في التأنيب أو رد الفعل المبالغ فيه إن أرادوا إبقاء قنوات الاتصال هذه مفتوحة.
وتضيف: “والتواصل الصريح والصادق يساعد في الحد من البحث عن أشياء خطرة على الإنترنت كالجنس، وفي تعزيز الصحة العامة والسعادة والنجاح، حسب ما أظهره البحث”.
وتتابع: “علينا كآباء أن نعترف أننا فعلًا لا نفهم كيف هو الحال أن تكون مراهقًا في عالم اليوم الرقمي، وعلينا رؤية هذا كفرصة للتعلم من أبنائنا المراهقين”
“اسألهم، كن مهتمًا وعلى تواصل دائم بدون تَحَكُّم أو تقييد زائد عن الحد. افترض أن المراهقين سيواجهون مخاطر على الإنترنت وعلمهم كيف يتعاملون معها”
كتبت هذه المقالة تارا هيلي صاحبة كتاب “الوالد المثقف” الذي ألفته مع الكاتبة “إمِلِي وِلِنقهام”
رابط الكتاب بالإنكليزية
مصدر المقال forbes.com
ما شاء الله هذه نوعية المقالات التي نبحث عنها في الويب العربي…أحببت الموقع من أول لقاء وهو الأن في الـ-Bookmarks.
جزاكم الله خيراا وأحسن ثوابكم وجعلنا من المتزاورين في الجنان…
واصلو بإذن الله